روابط مصاحف م الكاب الاسلامي

روابط مصاحف م الكاب الاسلامي
 

الروابط التي حذفها بلوجر من الدليل الاصلي ظلما وبغيا

الروابط التي حذفها بلوجر من الدليل الالكتروني

كتاب:آداب العشرة وذكر الصحبة والأخوة أبو البركات ا... /يا أمة الإسلام والأزهر الشريف *أفيقوا* /تحميل مذكرة الجبر3 ث ثانوي عام 3 ثانوي.pdf. / صفحة .. س وج احياء 3ث/ أرشيف المدونة النخبة في... /الفيزياء للجميع 3 .ث /مذكرة التميز (شرح ومراجعة) النصوص للصف الثالث الثا... /العلامات والأعراض التهاب المفاصل الروماتويدي /موضوعات علمية وللثانوية العامة وكذلك مسائل شرعية... /تحميل منهج الثانوية العامة 3ث /مذكرة الأساسيات , الجبر, الهندسة الفراغية , الاستا... /حمل مواد الثالث الثانوي /الثالث الثانوي 3ث .حمل مواد الثالث الثانوي /الثالث الثانوي 3ث . /ثانوي علم النفس اللثانوية العامة 2016 استاذ سام... /ث. استاتيكا :خرائط مفاهيم المميز للصف الثالث ال... /الفيزياء الثالث الثانوي3ث. /فيزياء 3ث /مناج الثالث الثانوي 3ث. /مذكرات 3ث. /مذكرات 3ث. /الطلاق للعدة ومغزي قوله تعالي [فَإِذَا بَلَغْنَ أَ... / الطلاق للعدة ومغزي قوله تعالي [فَإِذَا بَلَغْنَ أَ... /ث/الديناميكا(تفاضل الدوال المتجه.pdf ) /ثانوي / استاتيكا الصف الثالث الثانوي /لا يمكن الجمع بين أن المؤمن مآله إلى الجنة وبين حد... /كتاب : الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث ابن كثير /دليل 24. /القران مكتوب روابط /مجلد 1. غوامض الأسماء المبهمة الواقعة في متون الأح... /مجلد 2. غوامض الأسماء المبهمة الواقعة في متون الأح...

اللهم إني أُشهدك أنني بريئ من كل علم وكل شأن لا ترضاه ويخالف دينك القيم

الثلاثاء، 17 مايو 2022

الرسالة القبرصية لشيخ الإسلام ابن تيمــية ( 661 ـ 728)

 

الرسالة القبرصية لشيخ الإسلام ابن تيمــية ( 661 ـ 728) 

رِسالة من ابن تيمية إلى ملك  قبرص 

 بِسْمِ الله الرحمن الرحيم

من : أحمد ابن تيمية .

إلى:سرجوان عظيم أهل ملّته ، ومن تحوط به عنايته من رؤساء الدين ، و عظماء القسيسين ، والرهبان ، والأمراء ، و الكتّاب ،وأتباعهم .

سلام على من اتّبع الهدى .

أمّا بعد :

فإنا نحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو ، إله إبراهيم وآل عمران . ونسأله أن يصلي على عباده المصطفين وأنبيائه المرسلين . ويخصّ بصلاته وسلامه أولي العزم الذين هم سادة الخلق وقادة الأمم، الذين خُصُّوا بأخذ الميثاق ، و هم : نوح وإبراهيم وموسى و عيسى ومحمّد ، كما سمّاهم الله تعالى في كتابه فقال عزّ وجلّ (( شرع لكم من الدّين ما وصّى به نوحا و الذي أوحينا إليك وما وصّينا به إبراهيم و موسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرّقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب ))[ الشورى : الآية 13 ]

 وقال تعالى (( وإذْ أخذنا من النّبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذْنا منهم ميثاقا غليظا ليسأل الصّادقين عن صدقهم وأعدّ للكافرين عذابا أليما )) [ الأحزاب: الآية 8 ].

ونسأله أن يحصّ بشرائف صلاته وسلامه خاتم المرسلين وخطيـبهم    

إذا وفدوا على ربّهم ، وإمامهم إذا اجتمعوا ، شفيع الخلائق يوم القيامة نبي الرحمة ونبي الملحمة .الجامع محاسن الأنبياء ، الذّي بشّر به عبد الله وروحه و كلمته التي ألقاها إلى الصدّيقة الطاهرة البتول التي لم يمسّها بشر قط: مريم ابنة عمران ـ ذلك مسيح الهدى عيسى ابن مريم ، الوجيه في الدّنيا والآخرة ، المقرّب عند الله ، المنعوت بنعت الجمال والرّحمة لما انجرّ بنو إسرائيل فيما بعث به موسى من نعت الجلال والشدّة ، و بعث الخاتم الجامع  بنعت الكمال المشتمل على الشّدة على الكفّار ، والرّحمة بالمؤمنين ، والمحتوي على محاسن الشّرائع و المناهج التي كانت  قبله صلى الله عليهم وسلّم أجمعين إلى يوم القيامة .

أمّا بعد :

فإنّ الله خلق الخلائق بقدرته ، وأظهر فيهم آثار مشيئته ، وحكمته ورحمته ، وجعل المقصود الذي خُلقوا له فيما أمرهم به هو عبادته .

و أصل ذلك هو معرفته ومَحبتُه . فمن هداه الله صراطه المستقيم ، آتاه رحمة وعلماً ومعرفةً بأسمائه الحسنى وصفاته العليا ، و رزقه الإنابة إليه ، والوجل لذكره والخشوع له ، والتأله له فحنَّ إليه حنين الـنُّسور إلى أوكارها ، و كلف بحبّه كلف الصبي بأمّه ، لا يعبد إلاّ إياه رغبةً و رهبةً و محبّةً  ، وأَخْلَصَ دينَهُ لمن الدُّنْيا والآخرَةَ له ، ربُّ الأولين ، ملك يوْم الدّين  ، خلق ما تبصرون ،وما لا تبصرون ، عالم الغيب والشّهادة ، الذي أمرُه إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون . لم يتّخذ من دونه أنداداً كالذين اتخذوا من دون الله  أنداداً يحبُّونهم كحُب الله ، والذين آمنوا أشدّ حبّاً لله . ولم يشرك بربه أحداً ، ولم يتّخذ من دونه ولياً و لا شفيعاً ، لا ملكاً ولا نبياً ولا صديقاً ،[ إن كل من في السَّموات و الأرض إلاّ آتى الرّحمن عبداً لقد أحصهم وعدّهم عدّاً وكلُّهم آتيه يوم القيامة فرداً] فهنالك اجـتباه ربُّه ، و اصطفه وآتاه رشده ن وهداه لـمَ اخـتلف فيه من الحقّ بإذْنه ن فإنَّه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

قصًّة الصّراع بين التّوحيد و الشرك

و ذلك:

أنَّ النَّاس كانوا بعد آدم عليه السّلام ـ و قبل نوح عليه السلام ، على التوحيد والإخلاص ، كما كان عليه أبوهم آدم أبو البشر ـ عليه السلام ـ حتى ابتدعوا الشرك و عبادة الأوثان بدعة من تلقاء أنفسهم ـ بشبهات زيّنها الشيطان من جهة المقاييس الفاسدة، و الفلسفة الحائدة .

قوم منهم زعموا أنَّ التماثيل طلاسيم الكواكب السَّماوية ، و الدَّرجات الفلكية ، والأرواح العلوية .

وقومٌ: اتّخذوها على صورة من كان فيهم من الأنبياء و الصّالحين .

وقوم: جعلوها لأجل الأرواح السفلية من الجن ، و الشياطين .

 وقوم : على مذاهب أخرى .

وأكثرهم لرؤسائهم مقلّدون  ، وعن سبيل الهدى ناكبون ، فابتعث الله نبيّه نوحاً عليه السلام ـ يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، وينهاهم عن عبادة ما سواه، وإن زعموا أنهم يعبدونهم ليتقرّبوا بهم  إلى الله زلفى ويتّخذوهم شُفعاء ـ فمكث فيهم ألف سنة إلاّ خمسين عاماً ، فلنا أعلمه الله أنَّـه لن يؤمن من قومه إلاّ من قد آمن ، دعا عليهم فأغرق الله أهل الأرض بدعوته .

وجاءت الرُّسل بعده تترى إلى أن عمّ الأرض دين  الصابئة والمشركين ـ لمّا كان النماردة والفراعنة ملوك الأرض شرقا ًوغرباً

ـ  فبعث الله إمام الحنفاء وأساس الملّة الخالصة ، والكلمة الباقية : إبراهيم خليل الرَّحمن .

فدعا الخلق من الشرك إلى الإخلاص ، و نهاهم عن عبادة الكواكب والأصنام ، و قال (( وجَّهتُ وَجْهيَ للذي فَطَرَ السَّمَواَت والأَرْضَ حَنيفاً و مَا أَنـَا منَ المُشْركينَ  )) [الأنعام الآية :79 ]

وقوله ((أفرأيتم مّا كنـتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون ، فإنهم عدوٌ لي إلا ربّ العالمين الّذي خلقي فهو يهدين والذي هو يُطْعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين والّذي يميتني ثمّ يحيين  الّذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدّين )) [ الشعراء الآيات 75 82 ]

وقال إبراهيم عليه السلام ومن معه لقومه ((إنَّـابرآءُ منكم وممّا تعبدون من دون الله كَفَرْنَا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة و البغضاء أبداً حتَّى تُؤمنوا بالله وحده )) [ الممتحنة : الآية 4 ]

فجعل الله الأنبياء و المرسلين من أهل بيته و جعل لكل منهم خصائص ، و رفع بعضهم فوق بعض درجات وآتى كلاً منهم من الآيات ، ما آمن على مثله البشر .

فجعل لموسى العصا حيّة حتّى ابتلعت ما صنعت السّحرة الفلاسفة من الحبال والعصيِّ ، و كانت شيئا كثيراً . و فلق له البحر حتّى صار يابساً ، و الماء واقفاً حاجزاً بين اثنيْ عشر طريقاً على عدد الأسباط ، و أرسل معه القُمَّل و الضفادع والدم ، وضلّل عليه و على قومه الغمام الأبيض يسير معهم . و أنزل عليهم صبيحةً كلّيوم المنّ والسَّلوى ، و إذا عطشوا ضرب موسى بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً ، قد علم كلُّ أناس مشربهم .

وبعث بعده أنبياء من بني إسرائيل ، منهم من أحيا الله على يديه الموتى . ومنهم من شفى الله على يديه المرضى . ومنهم من اطلعه على ما شاء من غيبه . ومنهم من سخَّرَ له المخلوقات . ومنهم من بعثه بأنواع المعجزات  .

و هذا مما اتَّفق عليه جميع أهل الملل، و في الكتب التي بأيدي اليهود والنَّصارى ، و النّبوات التي عندهم و أخبار الأنبياء عليهم السلام ،مثل أشعياء  ، و أرمياء ، ودنيال ، حبقوق ، وداود ، وسليمان ، وغيرهم ـ وكتاب سفر الملوك وغيره من الكتب ما فيه معتبر .

المسيح ..وبنو إسرائيل

وكانت بنو إسرائيل أمة قاسية عاصية ، تارة يعبدون الأصنام والأوثان ، وتارة يعبدون الله ، وتارة يقتلون النبيين بغير الحقِّ وتارة يستحِلِّون محارم الله بِأدنى الحِيَلِ .

فَلُعِنُوا أوَّلاً على لسان داود ـ وكان من خراب بيت المقدس ما هو معروف عند أهل الملل كُلًّهم .

ثمَّ بعث الله المسيح بن مريم رسولاً ، قد خلت من قبله الرسل ، وجعله وأُمُه آية للناس ،ـ حيث خلقه من غير أب إظهاراً لكمال قدرته ، وشمول كلمته ،ـ حيث قسَّم النوع الإنساني الأقسام الربعة :

فجعل آدم من غير ذكر ولا أنثى .

وخلق زوجه حوَّاء من ذكر بلا أنثى .

وخلق المسيح بن مريم من أنثى بلا ذكر .

و خلق سائرهم من الزوجين الذكر و الأنثى  .

وآتى عبده المسيح من الآيات والبيِّنات ما جرت به سنَّته ، فأحيا الموتى ، وأبرأ الأكمه و الأبرص ، و انبأ النَّاس بما يأْكلون و ما يدّخِرون في بيوتهم ـ و دعا إلى الله وإلى عبادته ، متبعاً سنّة إخوانه

المرسلين ، مصدِّقاً لمن قبله ، و مبشِّراً بمن يأتي بعده.

 

الناس يختلفون في عيسى ((عليه السلام))

 

وكان بنو إسرائيل  قد عتو و تمرَّدوا ـ وكان غالب أمره اللين و الرّحمة ، والعفو و الصفح ، و جُعِلَ في قلوب الذين اتبعوه رافةً و رحمةً و جعل منهم قسيسين و رهباناً .

فتفرَّق الناس في المسيح عليه السلام و من  اتبعه من الحواريين ثلاثة أحزاب :

قومٌ كذّبوه وكفرو به ، وزعموا أنه ابن بغيّ، و رموا أمّـه بالفرية ، ونسبوه إلى يوسف النجار، وزعموا أنّ شريعة التوراة لم ينسخ منها شئ ، وأنَّ الله لم ينسخ ما شرعه .

ـ بعد ما فعلوه بالأنبياء ، وما كان عليهم من الآصال في النّجاسات والمطاعم .

وقومٌ: غلوا فيه و زعموا :أنّـه الله ، وابن الله ، وأنّ اللاهوت تدرّع الناسوت ، و أنَّ ربّ العالمين نزل ، وأنزل ابنه ليصلب و يُقْتَلَ فداءً لخطيئة آدم عليه السلام .

و جعلوا الإله الأحد الصمد ، الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كُفُواً أحد قد ولد ، واتخذ ولداً ، وأنّه إله حي عليم قدير جوهر واحد ـ ثلاثة أقانيم ـ وأن الواحد منها أقنوم الكلمة وهي العلم ، هي تدرّعت الناسوت البشري .

مع العلم بأنّ أحدهما لا يمكن انفصاله عن الآخرين، إلاَّ إذا جعلوه ثلاثة إلاهات متباينة ، وذلك ما لا يقولونه .

وتفرّقوا في الـتـثليث و الاتحاد تفرُّقاً و تشتّتوا تشتتـاً لايقر به عاقلٌ ، ولم يجئ به نقل ، إلاَّ كلمات متشابهات في الإنجيل و ما قبله من الكتب قد بينتها كلمات محكمات في الإنجيل وما قبله  ،

كلها تنطق بعبودية المسيح و عبادته لله وحده ، ودعائه وتضرُّعه .

 

انحراف النّصارى

 

و لمّـا كان أصل الدين : هو الإيمان بالله ، ورسوله ـ كما فال خاتم النّبيين والمرسلين : (( أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا  أن لا إله إلاَّ الله وأنَّ محمداً  رسول الله ))

وفال : (( لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم فإنَّما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله )).

كان أمر الدّين توحيد الله ، والإقرار برسوله . ولهذا كان الصابئون و المشركون كالبراهمة و نحوهم من منكري النُّبوات مشركين بالله في إقرارهم وعبادتهم ، وفاسدي الاعتقاد في رسله.

فأرباب التثليث في الوحدانية ، والاتحاد في الرسالة ، قد دخل في أصل دينهم من الفساد ما هو بين بفطرة الله التي فطر الناس عليها ، وبكتب الله التي أنزلها .ولهذا كان عامة رؤسائهم من القسيسين والرهبان ، وما يدخل فيهم من البطارقة ، والمطارنة ، والأساقفة ، وإذا صار الرجل منهم فاضلاً مميزاً ـ فإنّه ينحل عن دينه ويصير منافقاً لملوك أهل دينه ، و عامّتهم ، رضي بالرّياسة عليهم وبما يناله من الحظوظ ، كالذي كان ببيت المقدس ، الذي يقال له : ((ابن البوري )) ـ والذي كان بدمشق الذي يقال له : ((ابن القف)) ـ والذي بقسطنطينية وهو : (( البابا)) عندهم ـ وخلق كثير من  كبار(( الباباوات )) و المطارنة ، والأساقفة ـ لما خاطبهم قوم من الفضلاء أقرُّوا لهم بأنهم ليسوا على عقيدة النصارى ، وإنما بقاؤهم على ما هم عليه لأجل العادة والرياسة , كبقاء الملوك والأغنياء على مُلكهم وغناهم . ولهذا تجد غالب فضلائهم إنما همة أحدهم نوع من العلم الرياضي ـ كالمنطق والهيئة والحساب والنجوم ، أو الطبيعي ـ الطب ، ومعرفة الأركان . أو التكلم في الإلهي على طريقة الصابئة الفلاسفة الذين بعث إليهم إبراهيم الخليل عليه السلام ، قد نبذوا دين المسيح والرسل الذين قبله وبعده ، وراء ظهورهم وحفظوا رسوم الدين لأجل الملوك والعامة .

وأما الرهبان فأحدثوا أنواع من المكر والحيل بالعامة . ما يظهر لكل عاقل  ـ حتى صنّف الفضلاء في حيل الرهبان كتباً مثل: النار التي كانت تصنع ـ بقمامة يدهنون خيطاً دقيقاً (( بسندروس))ويلقون النار عليه بسرعة فـتنزل ـ فيعتقد الجهَّال أنها نزلت من السماء و يأخذونها إلى البحر ، وهي صنعت ذلك الراهب ، يراه الناس عياناً ، وقد اعترف هو وغيره بأنهم يصنعونها.

وقد اتفق أهل الحق من جميع الطوائف على أنه لا تجوز عبادة اله تعالى  بشيء ليس له حقيقة وقد يظن المنافقون أن ما ينقل عن المسيح وغيره ، من المعجزات ، من جنس النار المصنوعة، وكذلك حيلهم في تعليق الصليب، وفي بكاء التماثيل التي يصورونها على صورة المسيح وأمه وغيرهما ونحو ذلك ـ كل ذلك  ، يعلم كل عاقل أنه إفكٌ مفترىً ، وأن جميع أنبياء الله ، وصالحي عباده برآء من كل زور باطل ، وإفك كبرائهم من سحر سحرة فرعون .

ثم إن هؤلاء عمدوا إلى الشريعة التي يعبدون الله بها فناقضوا الأولين من اليهود فيها ، مع أنهم ((يأمرون)) بالتمسك بالتوراة ، إلاّ ما نسخه المسيح .

 

تناقض

 

قصّر هؤلاء في الأنبياء حتى قتلوهم ، وغلا هؤلاء فيهم حتى عبدوهم وعبدوا تماثيلهم.

وقال أولئك : إن الله لا يصلح له أن يغير ما أمر فينسخه لا في وقت آخر ، ولا على لسان نبي آخر.

وقال هؤلاء بل الأحبار والقسيسين يغيّرون ماشاءوا ، ويحرمون مارأوا ومن أذنب ذنباً وظفوا مارأوا عليه مارأوا من العبادات وغفروا له . ومنهم من يزعم أنه ينفخ في المرأة من روح القدس فيجعل البخور قرباناً .

وقال أولئك: حُرِّم علينا أشياء كثيرة ـ وقال : ما بين

(( البقة ))و(( الفيل)) حلال ـ كل ما شئت ، ودع ما شئت.

وقال أولئك : النجاسات مغلّظة حتىّ إن الحائض لا يقعد معها  ، ولا يأكل معها . وهؤلاء يقولون : ما عليك شيء نجس، و لا يأمرون بختان ولا غسل من جنابة ولا إزالة نجاسة ، مع أن المسيح والحواريون كانوا على شريعة التوراة .

 

عبادات مبتدعة

 

ثم إن الصلاة إلى المشرق ،لم يأمر بها المسيح ، ولا الحواريون ، ابـتـدعها قسطنطين أو غيره . وكذلك الصليب إنما ابتدعه قسطنطين برأيه وبمنام زعم أنه رآه .

وأما المسيح والحواريون فلم يأمر بشيء من ذلك.

والدين الذي يتقرب العباد به إلى الله ، لا بد أن يكون الله أمر به و شرعه على ألسنة رسله وأنبيائه ، و إلاّ فالبدع كلها ضلالة ، و ما عُبِدت الأوثان إلاّ بالبدع. وكذلك إدخال الألحان في الصلوات لم يَأْمر بها المسيح ولا الحواريون .

 وبالجملة : فعامة أنواع العبادات والأعياد التي هم عليها لم يُنزل بها الله كتاباً ولا بعث بها رسولاً.

 

مقرنة بين اليهود و النصارى

 

لكن فيهم رأفة ورحمة ، وهذا من دين الله . بخلاف الأولين ، فإن فيهم قسوة ومقتاً ، وهذا مما حرّمه تعالى ، لكن : الأولون لهم تمييز وعقل مع العناد و الكبر . والآخرون فيهم ضلال عن الحق ، وجهل بطريق الله .

ثم إن هاتين الأُمَتَيْنِ تفرّقـتا أحزاباً كثيرةً في أصل دينهم واعتقادهم في مَعْبُودِهِمْ ورسولهم . هذا يقول إن جوهر اللاهوت والناسوت صار جوهراً واحداً ، وطبيعةً واحدةً ، وأقنوماً واحداً وهم اليعقوبية .وهذا يقول : بل هما جوهران ، وطبيعتان ، أقنومان ، وهم النسطورية . وهذا يقول بالاتحاد من وجه دون وجه ، وهم الملكانية.

وقد آمن جماعة من علماء أهل الكتاب قديماً وحديثاً، وهاجروا إلى الله ورسوله ، وصنّفوا في كتب الله من دلالات نبوة النبي خاتم المرسلين ، و ما في التوراة والزّبور والإنجيل من مواضع لم يدّبروها، وكذلك الحواريون . فلما اختلف الأحزاب من بينهم هدى الله الذين آمنوا لِما اختلفوا من الحق بإذنه، فبعث النبي الذي بشّر به المسيح و من قبله من الأنبياء ـ داعياً إلى ملّة إبراهيم، ودين المرسلين من قبله ومن بعده ، وهو عبادة الله وحده لا شريك له ، وإخلاص الدين كله لله ، وطهر الأرض من عبادة الأوثان ، ونزّه الدين عن الشرك دِقِّهُ وجِلِّهُ بعدما كانت الأصنام تعبد في أرض الشام وغيرها في دولة بني إسرائيل ، ودولة الذين قالوا إنا نصارى ، و أمر بالإيمان بجميع كتب الله المنـزّلة كالتوراة و الإنجيل والزابور والفرقان ، وبجميع أنبياء الله من آدم إلى محمد .

قال الله تعالى:((و قالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا قل بل ملّة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين . قولوا آمنّا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباطِ وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النّبيون من ربّهم لا نفرّق بين أحد منهم ونحن له مسلمون . فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق فسيكفيكهُم الله وهو السميع العليم صبغة الله ومن أحسن من الله صبغةً ونخن له عابدون  )).

وأمر الله ذلك الرسول بدعوة الخلق إلى توحيده بالعدل، فقال تعالى : ((قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألاّ نعبد إلاّ الله ونشرك به شيئا ولا يتّخذَ بعضُنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولّوا فقولوا اشهدوا بانّا مسلمون )).

 وقال تعالى : (( وما كان لبشر أن يكلّمه الله إلاّ وحياً أو منْ وَراءِ

حجاب.))

قال تعالى (( ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنّبوَّة ثمّ َيقُولَ للنّاس كونوا عباداً لي من دون الله ولكن كونوا ربّانيّين بما كنتم تُعَلِّمُون الكتاب وبما كنتم تدرسون . و لا يأمركم أن تتّخذوا الملائكة والنّبيين أرباباً أيأمركم بالْكفر بعد إذ أنتم مسلمون.))

وأمره أن تكون صلاته وحجّه إلى بيت الله الحرام الذي بناه خليله إبراهيم ، أبوا الأنبياء ، وإمام الحنفاء ، وجعل أمّته وسطاً ، فلم يغلوا في الأنبياء كغلو من عدلهم بالله ، وجعل فيهم شيئا من الآلهة ، وعبدهم ، وجعلهم شفعاء ، ولم يجفا جفاء من آذاهم ، واستخفّ بحرماتهم ، وأعرض عن طاعتهم ، بل عزّروا الأنبياء : أي عظّموهم ، ونصروهم ، وآمنوا بما جاءوا به ، وأطاعوهم ، واتّبعوهم ، ائْتموا بهم ، وأحبّوهم ، أجلّوهم ولم يعبدوا إلاّ الله ، فلم يتّكلوا إلاّ عليه ، ولم يستعينوا إلاّ به ، مخلصين له الدين حنفاء .وكذلك في الشرائع، قالوا: ما امرنا الله به أطعناه ، وما نهانا عنه انتهينا . وإذا نهانا عمّا كان أحلّه ، كما نهى بني إسرائيل عمّا كان أباحه ليعقوب ، أو أباح لنا ما كان حراماً، كما أباح المسيح بعض الذي حرّم الله على بني إسرائيل ـ سمعنا وأطعنا .

وأمّا غير رسل الله أنبيائه فليس لهم أن يبـدّلوا دين الله، ولا يبتدعوا في الدين ما لم يأذن به الله . والرّسل إنّما قالوا تبليغاً عن الله ، فإنّه سبحانه له الخلق والأمر ، فكما لا يخلق غيره لا يأمر غيره ((إن الحكم إلاّ لله أمر ألاّ تعبدوا إلاّ إيّاه ذلك الدين القيّم ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون )).

 

الأمّةُ  الوسط

 

وتوسّطت هذه الأمة في الطهارة والنّجاسة ، وفي الحلال والحرام ، وفي الأخلاق ، ولم  يُجَرَّدوا الشّدة كما فعله الأولون، ولم يجردوا الرّأفة كما فعله الآخرون، بل عاملوا أعداء الله بشدّة ، وعاملوا أولياء الله بالرّأفة والّرحمة .

وقالوا :في المسيح ما قاله سبحانه وتعالى، وما قاله المسيح والحواريون ، لاما ابتدعه الغالون ، والجافون .

وقد أخبر الحواريون عن خاتم المرسلين : أنه يبعث من أرض اليمن ، وأنّه يبعث بقضيب الأدب ، وهو السيف . وأخبر المسيح : أنّه يجيء بالبيّنات والتّأويل ، وأنّ المسيح جاء بالأمثالوهذا باب يطول شرحه .

وإنّما نبه الدّاعي  لعظيم ملّته وأهله ، لمّا بلغني ما عنده من الدّيانة والفضل ومحبّة العلم وطلب المذاكرة . ورأيت الشيخ أبا العباس المقدسي : شاكراً من الملوك ، من رفقه ولطفه ، وإقباله عليه ، وشاكرا من القسّسين ونحوهم .

 ونحن قومٌ نحب الخير لكلّ أحد، ونحبّ أن يجمع الله لكم خير الدنيا والآخرة ، فإنّ أعظم ما عبد الله به نصيحةُ خلقه ، وبذلك بعث الله الأنبياء المرسلين . ولا نصيحة أعظم من النصيحة فيما بين العبد وبين ربّه ، فإنّه لابدّ للعبد من لقاء الله، ولا بدّأنّ الله يحاسب عبده ، كما قال تعالى((فَلَنَسْأَلَنَّ الذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنّ الْمُرْسَلِينَ))وأمّا الدّنيا فأمرها حقيرٌ ، وكبيرها صغيرٌ وغاية أمرها يعود إلى الرّياسة والمال . وغاية ذي الرّياسة أن يكون كفرعون . الذي أغرقه الله في اليمّ انتقاماً منه . وغاية ذي المال أن يكون كقارون . الذي خسف الله به الأرض ، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة لما آذى نبي الله موسى .

وهذه وصايا المسيح ومن قبله ومن بعده من المرسلين ، كلّها تأمر بعبادة الله والتّجرد للدار الآخرة ، والإعراض عن زهرة الحياة الدنيا . ولمّا كان أمر الدنيا خسيساً  ، رأيت ، رأيت  أنّ أعظم ما يُهدى لعظيم قومه : المفاتيح في العلم  والدين بالمذاكرة فيما يقرّب إلى الله ، والكلام في الفروع مبني على في الأصول  . وأنتم تعلمون أن دين الله لا يكون بهوى النّفس، ولا بعادات الآباء وأهل المدينة ، وإنّما ينظر العاقل فيما جاءت به الرسل ، وفي ما اتفق النّاس عليه وما اختلفوا فيه  ، ويعامل الله تعالى بينه وبين الله تعالى ، وبالاعتقاد الصّحيح ، والعمل الصالح ، وإن كان لا يمكن الإنسان أن يظهر على ما في نفسه لكلّ أحد ، فينتفع هو بذلك القدر . وإن رأيت من الملك رغبةً في العلم والخير كاتبته وجاوبته عن مسائل يسألها ، وقد كان خطر لي أن أجيء إلى قبرص لمصالح في الدين والدنيا ، لطن إذا رأيت من الملك ما فيه رضى الله ورسوله عاملته بما يقتضيه عمله، فإنّ الملك وقومه يعلمون أنّ الله قد أظهر من معجزات رسله عامّة ومحمد صلى الله عليه وسلّم خاصّة وأيّد به دينه، وأذلّ الكفّار والمنافقين .

 

شيخ الإسلام يحاور المغول

 

ولمّا قدم مقدم الماغول غازان وأتباعه إلى دشق وكان قد انتسب إلى الإسلام ، ولكن لم يرض الله ورسوله والمؤمنون بما فعلوه ، حيث لم يلتزموا  دين الله .

وقد اجتمع به وبأمرائه ، وجرى لي معهم فصول يطول شرحها ، لابدّ أن تكون قد بلغت الملك فأذلّه الله وجنوده لنا ، حتى بقينا نضربهم بأيدينا ، ونصرخ فيهم بأصواتنا، وكان معهم صاحب سيس مثل أصغر غلام يكون ، حتى كان بعض المؤذّنين الذين معنا يصرخ عليه ويشتمه ، وهو لا يجترئ أن يجاوبه ، حتى أنّ وزراء غازان  ذكروا ما ينم عليه من فساد النّية له. وكنت حاضراً لما جاءت رسلكم إلى ناحية السّاحل ، وأخبرني التاتار بالأمر الذي أراد  صاحب سيس  أن يدخل بينكم وبينه فيه ، حيث مناكم بالغرور، وكان التاتار من أعظم النّاس شتيمة لصاحب سيس وإهانة له ، ومع هذا فإنا كنّا نعامل أهل ملّتكم بالإحسان إليهم ، والذّب عنهم .

وقد فرف النّصارى كلّهم إني لمّا خاطبت التاتار في إطلاق الأسرى وأطلقهم غازان وقطلوشاه ، وخاطبت مولاي فيهم ، فسمح بإطلاق المسلمين قال لي : لكن معنا نصارى أخذناهم من القدس فهؤلاء لا يطلقون ، فقلت له : بل جميع من معك من اليهود والنصارى الذين هم أهل ذمّتنا فإنا نفتكهم، ولا ندع أسيراً لا من أهل الملّة ولا من أهل الذّمة ، وأطلقنا من النّصارى من شاء الله ـ فهذا عملنا وإحساننا و الجزاء على الله .

وكذلك السبيُ الذي بأيدينا من النّصارى ، يعلم كل أحد إحساننا ورحمتنا ورأفتنا بهم ، كما أوصانا خاتم المرسلين ، حيث قال في آخر حياته : ((الصّلاة الصّلاة و ما ملكت أيمانكم ))قال الله تعالى في كتابه: ((ويطعمون الطعام على حبّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً )).

ومع خضوع التاتار لهذه الملّة ن وانتسابهم لهذه الملّة ، فلم نخادعهم ، ولم ننافقهم ، بل بيّنّا لهم ما هم عليه  من الفساد والخروج على الإسلام ، الموجب لجهادهم، وأن جنود الله المؤيدة ، وعساكره المنصورة ، المستقرة بالديار الشامية والمصرية ، مازالت منصورة إلى من ناوأها ، مظفرة إلى من عاداها . وفي هذه المدة لما شاع عند العامة أن التاتار مسلمون أمسك العسكر عن قتالهم ، فقتل منهم بضعة عشر ألفاً. فلمل انصرف العسكر إلى مصر وبلغه ما عليه هذه الطائفة الملعونة: من الفساد وعدم الدين ، خرجت جنود الله و للأرض منها وئيد ، قد ملأت السهل والجبل ، في كثرة وقوة وعدة و إيمان وصدق ، قد بهرت العقول والألباب ، محفوفة بملائكة الله ، التي مازال يمد بها الأمة الحنيفية المخلصة لبارئها ، فانهزم العدو بين أيديها ، ولم يقف لمقابلتها. ثمّ أقبل العدو ثانياً ، فأرسل عليه من العذاب ما أهلك النّفوس والخيل ، وانصرف خاسئاً، و حسيراً ، و  صدق الله وعده ، ونصر عبده ، وهو الآن في البلاء الشديد ، والتعكيس العظيم ، والبلاء الذي أحاط به . ولإسلام في عزة متزايدة ، وخير مترافد ، فإنّ النبي صلى الله عليه وسلّم قد قال : ((إنّ الله يبعث لهذه الأمة في رأس كلّ مائة سنة من يجدد لها أمر دينها )).

وهذا الدين في إقبال وتجديد ، وأنا ناصح للملك وأصحابه ، والله الذي لا إله إلاّ هو ، الذي أنزل التوراة و الإنجيل والفرقان .

ويعلم الملك أنّ وفد نجران ، وكانوا نصارى كلّهم فيهم الأسقف وغيره ، لمّا قدموا على النبي صلى الله عليه وسلّم ، ودعاهم إلى الله ورسوله وإلى الإسلام ، خاطبوه في أمر المسيح وناظروه، فلّما قامت عليهم الحجّة جعلوا يراوغون ، فأمر الله نبيه أن يدعوهم إلى المباهلة ، كما قال ((فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم 

ثمّ نبتهل فنجعل لعنت الله على الكاذبين )).

فلمّا ذكر النّبي صلى الله عليه وسلّم ذلك استشاروا بينهم، فقالوا: تعلمون أنه نبي ، وأنّه ما باهل أحد نبياً فأفلح ، فأدوا إليه الجزية ، ودخلوا في الذمّة ، واستعفوا من المباهلة .

وكذلك بعث النبي صلى الله عليه وسلم كتابه إلى قيصر ، الذي كان ملك النصارى بالشام والبحرين إلى قسطنطينية ، وغيرها ، وكان ملكا فاضلا، فلمّا قرأ كتابه وسأل عن علامته عرف أنّه النبي الذي بشّر به المسيح ، وهو الذي كان وعد الله به إبراهيم في ابنه إسماعيل ، وجعل يدعوا قومه النصارى إلى متابعته ، وأكرم كتابه ، وقبّله ، ووضعه على عينيه وقال : وددت أنّي أخلص إليه حتى أغسل عن قدميه ، ولو لا ما أنا فيه من الملك لذهبت إليه .

وأمّا النجاشي ملك الحبشة النصراني ، فإنه لما بلغه خبر النبي صلى الله عليه وسلّم من أصحابه الذين هاجروا إليه ، آمن به وصدّقه ، وبعث إليه ابنه وأصحابه مهاجرين ، وصلى النبي صلى الله عليه وسلّم لما مات ، ولما سمع سورة (( كهيعص)) بكى، ولما أخبروه عما يقولون في المسيح ، قال: والله ما يزيد عيسى على هذا مثل هذا العود ،وقال: إنّ هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة.

و كانت سيرة النبي صلى الله عليه وسلم : أن من آمن بالله وكتبه ورسله من النصارى، صار من أمته، له ما لهم ، وعليه ما عليهم ، و كان له أجران : أجر على إيمانه بالمسيح ، وأجر على إيمانه بمحمد . ومن لم يؤمن به من الأمم فإنّ الله أمر بقتاله، كما قال في كتابه(( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الأخر ولا يحرمون ما حرّم الله ورسولَه ولا يدينون دين الحقّ من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون )).

فمن كان لا يؤمن بالله بل ، يسبّ الله ، ويقول (( إنّه ثالث ثلاثة ، وإنه صلب ، ولا يؤمن برسوله ، بل يزعم حمل وولد ، وكان يأكل ،و يشرب، ويتغوط ، وينام ، هو الله ، وابن الله ، وأن الله أو ابنه ، حلّ فيه ، وتدرّعه ، ويجحد ما جاء به محمد خاتم المرسلين ، ويحرّف نصوص التوراة والإنجيل .

فإنّ من الأناجيل الأربعة من التناقض والاختلاف بين ما أمر الله به و أوجبه ـ فيها ، و لا يدين الحق ، ودين الحق: هو الإقرار ما أمر الله به أوجبه ، من عبادته ، وطاعته ، ولا يحرّم ما حرّم الله ورسوله ، من الدّم والميتة ولحم الخنزير ، الذي مازال حراماً، من لدن آدم إلى محمد صلى الله عليه و سلّم، ما أباحه نبيُ قط .بل علماء النصارى يعلمون أنه محرّم ، و ما يمنع  بعضهم من إظهار ذلك إلاّ الرغبة والرّهبة.وبعضهم يمنعه العناد والعادة ونحو ذلك .ولا يؤمنون باليوم الأخر ، لأن عامّتهم وإن كانوا يقرّون بقيامة الأبدان لكنّهم لايقرّون بما أخبر الله به من الأكل والشراب واللباس والنكاح، والنعيم والعذاب في الجنّة والنار ، بل غاية ما يقرّون به من النعيم والشمّ. ومنهم متفلسفة ، ينكرون معاد الأجساد ، وأكثر علمائهم زنادقة  ، وهم يضمرون ذلك ، ويسخرون بعوامهم ، لاسيما بالنساء والمترهبين منهم ، لضعف العقول ، فمن هذا حاله فقد أمر الله رسوله بجهاده حتى يدخل في دين الله، أو يؤدي الجزية ـ وهذا دين محمد  صلى الله عليه وسلّم .

ثم المسيح صلوات الله عليه لم يأمر بجهاد ، لاسيما بجهاد الأمّة الحنيفية و لا الحواريين بعده . فيأيها الملك كيف تستحلّ سفك الدماء وسبي الحريم ، وأخذ الأموال بغير حجة من الله ورسوله؟.

 

أسرى... وأسرى

 

ثمّ أما يعلم الملك : أنّ بديارنا من النصارى أهل الذمّة و الأمان ما لا يحصى عددهم إلاّ الله ، و معاملتنا فيهم معروفة ، فكيف يعاملون أسرى المسلمين بهذه المعاملات التي لا يرضى بها ذو مروءة

، ولا ذو دين.

لست أقول عن الملك وأهل بيته ، ولا اخوته ، فإنّ أبا العباس : شاكراً للملك و لأهل بيته كثيراً ، معترف بما فعلوه معه من الخير ، وإنّما أقول عن عموم الرّعية . أليس الأسرى في رعيّة الملك . أليست عهود المسيح، وسائر الأنبياء توصي بالبر والإحسان.

فأين ذلك ؟

ثم إنّ كثيراً منهم إنّما  أخذوا غدراً، و الغدر حرام في جميع الملل والشرائع والسّياسات . فكيف تسْتحلّون أن تستولوا على من أخذ غدراً أفتؤمنون مع هذا أن يقابلكم المسلمون ببعض هذا ؟ وتكونون مغدورين ؛ والله ناصرهم ومعينهم ، لاسيما في هذه الأوقات ، والأمّة قد امتدت للجهاد ، واستعدّت للجلاد ورغب الصالحون وأولياء الرحمن في طاعته، وقد تولى الثغور الساحلية أمراء ذو بأسٍ شديدٍ ، وقد ظهر بعض أثرهم، وهم في ازدياد .

 

الفدائيون

 

ثم عند المسلمون من الرجال الفداوية ، الذين يغتالون الملوك في فرشها ، وعلى أفراشها : من قد بلغ الملك خبرهم قديماً وحديثاً ، وفيهم الصالحون ، الذين لا يرد الله دعواتهم ، ولا يخيب طلباتهم ، الذين يغضب الرَّبُّ لغضبهم ، ويرضى لرضاهم .

وهؤلاء التـتار مع كثرتهم وانتسابهم إلى المسلمين : لمّا غضب المسلمون عليهم ، أحاط بهم البلاء ما يعظم عن الوصف ، فكيف يحسن أيّها الملك بقومٍ يجاورون المسلمون من أكثر الجهات أن يعاملوهم هذه المعاملة ، التي لا يرضاها عاقل ، ولا مسلم ولا معاهد .

هذا ،  وأنت تعلم أنّ المسلمين لا ذنب لهم أصلاً ؛ بل هم المحمودون على ما فعلوه . فإنّ الذي أطبقت العقلاء على الإقرارِ بفضله ، هو دينهم ـ حتى الفلاسفة أجمعوا على أنّه لم يطرق العالم دين أفضل من هذا الدين . فقد قامت البراهين على وجوب متابعته .

ثمّ هذه البلاد مازالت بأيديهم : الساحل ، بل وقبرص أيضاً ؛ ما أخذت منهم إلاّ من أقل من ثلاثمائة سنة ، وقد وعدهم النبي صلى الله عليه وسلّم أنهم لا يزالون ظاهرين  إلى يوم القيامة ؛ فما يؤمن الملك أنّ هؤلاء الأسرى المظلومين ببلدته ينتقم لهم رب العباد والبلاد ، كما ينتقم لغيرهم . وما يؤمنه أن تأخذ المسلمين حمية إسلامهم فينالوا فيها ما نالوا من غيرها ، ونحن إذا رأينا من الملك وأصحابه ما يصلح عاملناهم بالحسنى ـ وإلاّ فمن بغي عليه لينصرنه الله .

وأنت تعلم أنّ ذلك من أيسر الأمور على المسلمين ، أنا ما غرضي الساعة إلاّ مخاطبتكم بالتي هي أحسن ، والمعاونة على النظر في العالم ، واتباع الحق، وفعل ما يجب.فإن كان عند الملك من يثق بعقله ودينه فليبحث معه عن أصول العلم ، وحقائق الأديان ، ولا يرضى أن يكون من هؤلاء النصارى المقلّدين الذين لا يسمعون  ولا يعقلون ؛ إن هم إلاّ كالأنعام  بل هم أضلّ سبيلاً .

وأصل ذلك أن تستعين بالله ، وتسأله الهداية ، وتقول : اللهم أرني الحقّ حقّاً ، وأعنّي على اتباعه ، وأرني الباطل باطلاً ، وأعنّي على اجتنابه ، ولا تجعله مشتبهاً علي فأتّبع الهوى . وقل : اللهم رب جبريل وميكائيل  ، وإسرافيل ، فاطر السّموات والأرض ، عالم الغيب والشّاهدة ، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلقون ، اهدني لما اختلفوا فيه من الحقّ بإذنك ، إنّك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

والكتاب لا يحتمل البسط أكثر من هذا ، لكن أنا ما أريد للملك إلاّ ما ينفعه في الدنيا والآخرة ، وهما شيآن : أحدهما ـ له خاصة ، وهو معرفته بالعلم والدين ، وانكشاف الحق وزوال الشبهة ، وعبادة الله كما أمر ؛ فهذا خير له من ملك الدنيا بحذافرها ، وهو الذي بعث به المسيح وعلّمه الحواريين .

الثاني ـ له وللمسلمين ، وهو مساعدته للأسرى الذين في بلاده ، وإحسانه إليهم ، وأمر رعيّته بالإحسان إليهم ، والمعاونة لنا على خلاصهم ؛ فإنّ في الإساءة إليهم دركاً على الملك في دينه ودين الله تعالى ، ودركاً من جهة المسلمين . وفي المعاونة  على خلاصهم حسنة له في دينه ودين الله تعالى وعند المسلمون ـ وكان المسيح أعظم الناس توصية بذلك .

ومن العجب كل العجب : أن يأسر النصارى قوماً غدراً أو غير غدرٍ ، ولم يقاتلوهم ، والمسيح يقوا : (( من لطمك على خدّك الأيمن فأدر له خدّك الأيسر ، ومن أخذ رداءك أعطه قميصك )) وكلّما كثرت الأسرى عندكم كان أعظم لغضب الله وغضب عباده المسلمين . فكيف يمكن السكوت على أسرى المسلمين في قبرص . سيما وعامة هؤلاء الأسرى قوم فقراء وضعفاء ، ليس لهم من يسعى فيهم ، وهذا أبو العبّاس مع أنّه من عبّاد المسلمين ، وله عبادة ، وفقر ، وفيه مشيخة ، ومع هذا ، فما كاد يحصل له فداؤه إلاّ بالشدة . ودين الإسلام يأمرنا أن نعين الفقير ، والضعيف ؛ فالملك أحقّ أن يساعد على ذلك من وجوهٍ كثيرةٍ ـ لاسيما والمسيح يوصي بذلك في الإنجيل ويأمر بالرحمة العامة ، والخير الشامل كالشمس والمطر . والملك وأصحابه إذا عاونونا على تخليص الأسرى ، والإحسان إليهم ، وكان الحظ الأوفر لهم في ذلك في الدنيا والآخرة .

أمّا في الآخرة : فإنّ الله يثيب على ذلك ويأجر عليه ، وهذا مما لا ريب فيه عند العلماء  المسيحيين الذين لا يتّبعون الهوى ؛ بل كل من اتّقى الله وأنصف علم أنهم أسروا بغير حقٍّ ، لاسيما من أخذ غدراً ، والله تعالى لم يأمر ، ولا المسيح أمر ، ولا أحد من الحواريين ، ولا من اتبع المسيح على دينه ، لا بأسر أهل ملّة إبراهيم ولا بقتلهم . وكيف وعامّة النصارى يقرون بأنّ محمد رسول الأمّيين ، فكيف يجوز أن يقاتل أهل دين اتّبعوا رسولهم ؟؟.

(( فإن قال قائل )): هم قاتلونا أوّل مرّةٍ ؟ (( قيل )) : هذا باطل ، فيمن غدرتم به ، ومن بدأتموه بالقتال . وأما من بدأكم منهم فهو معذور ؛ لأنّ الله تعالى أمره بذلك ورسوله ، بل المسيح والحواريون أخذ عليهم المواثيق بذلك . ولا يستوي من عمل بطاعة الله ورسوله ، ودعا إلى عيادته ودينه ، وأقرّ بجميع الكتب والرّسل ، وقاتل لتكون كلمة الله هي العليا، وليكون الدين كلّه لله ـ ومن قاتل في هوى نفسه وطاعة شيطانه ، على خلاف الله ورسوله .

ومازال  في النصارى من الملوك والقسيسين، والرهبان والعامة ، من له مزية على غيره في المعرفة و الدين :فيعرف  بعض الحقّ ، وينقاد لكثيرٍ منه ، ويعرف من قدر الإسلام وأهله ما يجهله غيره، فيعاملهم معاملةً تكون نافعةً له في الدنيا  والآخرة ؛ ثمّ في فكاك الأسير . وثواب العتق من كلام الأنبياء والصدّيقين ما هو معروف لمن طلبه

، فمهما عمل الملك معهم وجد ثمرته .

وأمّا في الدنيا : فإنّ المسلمين أقدر على المكافأة في الخير و الشّر من كلّ أحد.ومن حاربوه ، فالويل كلّ والويل له .

والملك لابد أن يكون س مع السير ، وبلغه أنّه مازال في المسلمين النّفر القليل ، منهم من يغلب أضعافاً مضاعفةً من النّصارى ، وغيرهم، فكيف إذا كانوا أضعافهم ؟ وقد بلغه الملاحم المشهورة في قديم الدهر وحديثه، مثل: أربعين ألفاً يغلبون من النصارى  أكثر من أربعمائة ألف، أكثرهم فارس. وما زال المرابطون بالثّغور مع قلّتهم ، واشتغال ملوك الإسلام عنهم يدخلون بلاد النصارى ؛ فكيف وقد منّ الله تعالى على المسلمين باجتماع كلمتهم ، وكثرة جيوشهم ، وبأس مقدميهم ، وعلو هممهم ، ورغبتهم فيما يقرّبهم إلى الله تعالى واعتقادهم أنّ الجهاد أفضل الأعمال المطوعة ، وتصديقهم بما وعدهم نبيهم ؛ حيث قال : (( يعطى الشهيد ستُ خصال : يغفر له بأول قطرة من دمه ، ويرى مقعده في الجنّة ، ويكسى حلّة الإيمان ، ويزوّج باثنتين وسبعين من الحور العين ، ويقي فتنة القبر ، ويؤمن من الفزع الأكبر  يوم القيامة .))

 

كيف كان يحارب المسلمون

 

ثمّ إنّ في بلادهم من النّصارى أضعاف ما عندكم من المسلمين ، فإنّ فيهم من رءوس النصارى من ليس في البحر مثلهم إلاّ قليل، وأمّا أسراء المسلمين ، فليس فيهم من يحتاج إليه المسلمين ، ولا من ينتفعون به، وإنّما نسعى في تخليصهم لأجل الله  تعالى؛ رحمةً لهم وتَقَرُباً إليه يوم يجزي الله المصّدقين ، ولا يضيع أجر المحسنين .

وأبو العبّاس حامل هذا الكتاب ، قد بثّ محاسن الملك و اخوته عندنا، واستعطف قلوبنا إليه ؛ فلذلك كاتبت الملك لما بلغني رغبته في الخير ، وميله إلى العلم والدين ، وأنا من نواب المسيح ، وسائر  الأنبياء في مناصحة الملك وأصحابه ، وطلب الخير لهم . فإنّ أمّة محمّد خير أمّة أخرجت للناس ، يريدون الخلق خير الدنيا والآخرة، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ويدعونهم إلى الله ، ويعينونهم على مصالح دينهم ودنياهم . وإن كان الملك قد بلغه بعض الأخبار التي فيها طعن على بعضهم ، أو طعن على دينهم ؛ فإمّا أن يكون الخبر كاذباً ، أو ما فهم التّأويل ، وكيف صورة الحال ؛ وإن كان صادراً عن بعضهم بنوع من المعاصي ، والفواحش والظلم ؛ فهذا لابد منه في كلّ أمّة ، بل الذي يوجد في المسلمين من الشّر أقلّ مما في غيرهم بكثير ، والذي فيهم من الخير لا يوجد مثله  في غيرهم .

والملك، وكل عاقل يعرف أنّ أكثر النّصارى خارجون عن وصايا المسيح والحواريون ، ورسائل بولص وغيره من القدّسين ، وإن كان أكثر ما معهم من النّصرانية شرب الخمر ، وأكل الخنزير ، وتعظيم الصليب ، ونواميس مبتدعة ما أنزل الله بها من سلطان ، وأنّ بعضهم يستحلّ بعض  ما حرّمته الشريعة النّصرانية ؛ هذا فيما يقرّون به . وأما مخافتهم لما لا يقرّون به، فكلّهم داخل في ذلك ، بل قد ثبت عندنا عن الصادق المصدوق رسول الله صلى الله عليه وسلّم (( أنّ المسيح عيسى ابن مريم ، ينزل عند المنارة البيضاء في دمشق واضعاً يده على منكبي ملَكين ؛فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ولا يقبل من أحدٍ إلاّ الإسلام ، ويقتل مسيح الضلالة الأعور الدجال ، الذي يتّبعه اليهود ، ويسلّط المسلمون على اليهود ، حتّى يقول الشجر والحجر : يا مسلم ، هذا يهودي ورائي فاقتله ، وينتقم الله للمسيح ابن مريم ، مسيح الهدى ، من اليهود ما آذوه وكذّبوه لما بعث إليهم .

وأمّا ما عندنا في أر النصارى ، وما يفعله الله بهم من إدالة المسلمين عليهم ، وتسليطه عليهم ؛ فهذا مما لا أخبر به الملك لئلا يضيق صدره ، ولكن الذي أنصحه به : أنّ كلّ من أسلف إلى المسلمين خيراً ، ومال إليهم ، كانت عاقبته معهم حسنة ، بحسب ما فعله من الخير ؛ فإنّ الله يقول : (( فمن يعمل مثقال ذرّة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرّة شرّاً يره))

والذي أختم به الكتاب الوصية بالشيخ أبي العباس ، وبغيره من الأسرى ، والمساعدة لهم ، والرفق بمن عندهم من أهل القرآن ،

والامتناع من تغيير دين واحد منهم ، وسوف يرى الملك عاقبة ذلك كلّه ، ونحن نجزي الملك على ذلك بأضعاف ما في نفسه . والله يعلم أنّي قاصد للملك الخير ؛ لأنّ الله تعالى أمرنا بذلك ، وشرع لنا أن نريد الخير لكلّ أحدٍ ، ونعطف على خلق الله ، وندعوهم إلى الله ، وإلى دينه ، وندفع عنهم شياطين الإنس والجنّ .

والله المسئول : أن يعين الملك على مصلحته ، التي هي عند الله المصلحة ، وأن يخيّر له من الأقوال ما هو خيراً له عند الله ، ويختم له بخاتمة خير .

والحمد لله ربّ العالمين ، وصلواته على أنبيائه المرسلين ؛ ولا سيّما محمد خاتم الأنبياء والمرسلين ، والسلام عليهم أجمعين. 

=============

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مجلد 3. الزواجر عن إقتراف الكبائر - دار الفكر المؤلف ابن حجر الهيتمي

 مجلد 3. الزواجر عن إقتراف الكبائر - دار الفكر المؤلف ابن حجر الهيتمي مجلد 3. الزواجر عن إقتراف الكبائر - دار الفكر المؤلف ابن حجر الهيت...